المجلس الأول: مقدمة الجزء الثاني
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد،
ففي فاتحة هذه المجالس، مجالس قراءة صحيح البخاري في شهر رمضان المبارك، أسأل الله أن يبارك لنا ولكم في هذا الشهر وأن يجعلنا من صوامه وقوامه وعتقائه من النار، وأن يبلغنا ليلة القدر ويجعلنا من خاصة الرابحين فيها برضوان الله الأكبر، كما أسأله سبحانه وتعالى أن يوفقنا للتوبة النصوح، حتى نقلع عن المعاصي والذنوب والاجتراء على الله عز وجل فلا تمر ليلة من ليالي الشهر إلا والله عز وجل قد غمرنا بزيادة رضوان من حضرته، وأسأله أن يجعل في هذا الشهر مفاتيح للفرج عن أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، مما قد نزل بها وحل، إنه ولي ذلك والقادر عليه،
* استمع للحلقة الأولى
وقبل الشروع في الدرس، أود أن أذكر نفسي وإخواني من حضر الدرس ومن يستمع بأن شهر رمضان هو فرصة المغفرة والقرب من الله جل جلاله، وقد تعودنا من أنفسنا أننا في كل سنة نجد بداية من همة الإقبال في أول شهر رمضان، ويجد الإنسان خفة من نفسه لصلاة التراويح وفرحاً بقراءة الكتاب العزيز، ثم يشتكي الكثير من أن هذه الهمة تفتر وتضعف إذا مر الأسبوع الأول من رمضان أو العشر الأيام الأولى من رمضان، يبدأ الملل وتبدأ السآمة ويبدأ الاستثقال، يرد على كثير من الناس،وعلاج ذلك والتنبيه إليه بأن ينتبه الإنسان من ثلاثة أمور، إذا راعيتها استمرت همتك في رمضان إلى نهاية رمضان بل ازدادت في العشر الأواخر كما كان فعله صلى الله عليه وآله وسلم وفعل أهل بيته وأصحابه رضي عنه وعن أصحابه أجمعين.
الثلاثة أشياء التي تحافظ على همة الإنسان في رمضان أولها ، أي أنك في كل ليلة من الليالي، في كل قيام بعد الصلاة، في كل توجه تلح على الله أن يوفقك إلى الطاعة، لأن الطاعة عطية من الله سبحانه وتعالى، لا يحسنها كل إنسان، لذلك جاء في الحديث عنه صلى الله عليه وآله وسلم، أن سيدنا معاذ بن جبل كان عند النبي فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: (لاَ تَدَعَنَّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ أَنْ تَقُولَ : اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ” أحمد5/244(22119) “يا معاذ إني أحبك، فلا تدعن أن تقول دبر كل صلاة (أي بعد كل صلاة) اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك”، دعاء يسير حفظه على النفوس والقلوب، غير أن خيره عظيم وكبير، وهو هدية النبي صلى الله عليه وسلم لمن أحبه النبي صلى الله عليه وسلم، حتى أن علماء الحديث رحمهم الله تعالى قد سموا هذا الحديث بالحديث المسلسل بالمحبة، ما معنى الحديث المسلسل بالمحبة؟ النبي قال لمعاذ إني أحبك فلا تدعن أن تقول دبر كل صلاة اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، ومعاذ قال لمن بعده ( وَأَوْصَى بِذَلِكَ مُعَاذٌ الصُّنَابِحِيَّ ، وَأَوْصَى الصُّنَابِحِيُّ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، وَأَوْصَى أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ عُقْبَةَ بْنَ مُسْلِمٍ ) إني أحبكم فلا تدعن أن تقولوا دبر كل صلاة اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، التابعون قال بعضهم لتابع التابعين، وتسلسلت إلى الأشياخ الذين حضرناهم وهم يحدثوننا بهذا الحديث ويقول أحدهم إني أحبكم فلا تدعن أن تقولوا دبر كل صلاة اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.
فالأمر الأول الإلحاح على الله اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك. كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا أقبل رمضان يقول ( اللهم سلمنا لرمضان وسلمه منا حتى ينقضي وقد غفرت لنا ورحمتنا وعفوت عنا” الديلمي 1/486(1987 ) اللهم سلمنا لرمضان وسلم رمضان منا وتسلمه منا متقبلا. سلمنا رمضان أي بلغنا رمضان، وسلم همتنا حتى يأتي رمضان ونحن في همة للعبادة، وسلم رمضان منا أي احفظ رمضان من أن نسيء الأدب مع عطاياك فيه، وتقبله منا أي تقبل منا واعطنا همة حتى نهاية الشهر ويختتم الشهر وقد قبلت منا. فالأمر الأول هو الإلحاح على الله، لأن العبادة هذه همة، النشاط همة والطاعة عطية من الله عز وجل.
الأمر الثاني حفظ البصر والسمع واللسان، ما معنى حفظ البصر والسمع واللسان؟ أن يحرص الواحد منا في نهار رمضان وهو صائم وبالليل إذا أفطر أن يحرس عينه من أن تنظر إلى ما حرم الله، ما لا يرضي الله عز وجل، وأذنه من أن تستمع إلى ما لا يرضي الله من الغيبة والنميمة والكلام الفاحش، ولسانه من أن ينطق بما لا يرضي الله من النيل في الناس والإساءة إليهم والتعدي عليهم ونقل الكلام السيء بين الناس والافتراء، إذا صان الإنسان عينه وسمعه ولسانه صين قلبه، حفظ قلبه.
الأمر الثالث حضور القلب مع الله تعالى أن يحرص كل واحد منكم أثناء العبادة أن يكون حاضر القلب مع الله، لا يجعل صلاة التراويح مجرد عدد من الركعات ركعها ومشى، كل المشاريع وكل المشاكل وكل الأخبار وكل الأعلام تأتيه وهو في صلاة التراويح، إذا قال “الله أكبر” بدأت الهواجس تأتي إليه، وفلان راح، وفلان جاء، والشركة الفلانية، وبروح بعمل كذا، والإعلان الفلاني، فيجاهد الإنسان نفسه على الحضور في العبادات، وإذا أخذ كلام الله ليقرأ لا يجعل أخذه لكلام الله تعالى مجرد حروف يقرأها، يمسك المصحف ومرتب لنفسه أن يقرأ جزئين كل يوم أو ثلاثة أو حتى جزءاً واحداً، تراه حاملاً المصحف ينظر وصلنا إلى ربع الحزب؟ نصف الحزب؟ ثلاثة أرباع؟ لا.. هذه الصفحة لا يوجد بها ربع حزب، ثلاثة أرباع الحزب، ها.. خلصنا الحزب، ما هكذا ينبغي أن يقرأ كلام الله عز وجل، ينبغي للفرد أن يربط قلبه بالحضور مع العبادة.
كان الصحابة رضي الله عنهم وكان التابعون ومن بعدهم من السلف الصالح، إذا أخذ أحدهم كتاب الله، إذا أخذ المصحف ليقرأ استشعر الهيبة في قلبه، ويستشعر الواحد منهم أن الذي يكلمه هو الله، هو يقرأ بصوته هو لكن الذي يخاطبه في هذا الكلام هو الله، هذا كلام الله سبحاته وتعالى، لهذا كان عكرمة رضي الله عنه، إذا أخذ المصحف ونظر إلى الحروف تأخذه الهيبة والإجلال لله عز وجل، ويقول “كلام ربي.. كلام ربي.. كلام ربي” وقد يخر مغشياً عليه قبل أن يقرأ، دموعه تسيل قبل أن يبدأ بالقراءة، لأنه يستشعر ويحس ويذوق أن الذي أمامه هو كلام الله سبحانه وتعالى. فتكلف الحضور، والحضور يحتاج إلى مجاهدة، أول يوم وثاني يوم وثالث يوم ورابع يوم وعاشر يوم، (“وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ” العنكبوت:69 ) “الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا”، الله سبحانه وتعالى وعد الذين يجاهدون أنفسهم بالحضور مع الله أن يهديهم إلى المسلك الصحيح.
فهذه ثلاثة أشياء إذا حافظ الإنسان علينا، لا يأتي آخر الشهر إلا وقد تضاعفت همته للعبادة والإقبال على الله، كثرة الإلحاح على الله أن يعينه على الذكر والعبادة “اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك”، الأمر الثاني حفظ الأعضاء عن المحرمات، الأمر الثالث تكلف الحضور مع الله عز وجل.
وأخيراً أن يجعل أحدكم لنفسه حداً لا ينقص عنه، يقول مثلاً صلاة الجماعة لن أتركها في رمضان، جزء في اليوم لن أتركه مهما كنت متعباً، إن وجدت همة سأقرأ جزئين أو ثلاثة أجزاء، لكن لن أنزل عن هذا الجزء أبداً مهما كانت الأسباب، ولو حصل يوم من الأيام وقصرت ولم أقرأ هذا الجزء فسأقرأ في اليوم الثاني جزئين، المهم لن أنزل عن هذا الحد. صلاة التراويح لن أتركها، إن كان يستطيع أن يحضر من يصلي التراويح كاملة كما عند الجمهور من أهل السنة والجماعة عشرين ركعة يتمها فهو الحسن، ما استطاع يصلي عشر، ستة عشر، أربعة عشر، ثمانية ركعات، ستة ركعات، المهم أن يضع له حداً لا ينزل عنه، والشباب الذين لا زالوا ممتعين بالصحة لا ينبغي أن تقل صلاتهم عن الصلاة التامة، إن استطاع أن يقرأ مع من يختم بختمة كاملة مع المساجد يحرص على ذلك، فستكون له ختمة في صلاة، ما استطاع أو تعب أو شعر في نفسه الضعف والملل ينظر أي الأئمة يصلي العشرين الركعة معتدلة مخففة يصلي خلفه، المهم أن يجعل له حداً لا ينزل عنه، فإن وجد نشاطاً وهمة زاد عليها، زاد على هذا الأمر من صلاته وتعبده، لأن هذا يحفظ على الإنسان معنى الاستمرار. والصحبة الصالحة التي تساعده على ذلك، نسأل الله لنا ولكم التوفيق.
وقبل الشروع في قراءة الدرس الأول من صحيح البخاري أذكر نفسي وأذكركم أن لا يكون أحد منا متسبباً لنفسه أن يحرم من المغفرة في رمضان، رمضان شهر المغفرة، والذي يدرك رمضان ولم يغفر له هذا بعيد شقي والعياذ بالله، قال جبريل للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: (“بَعُدَ مَنْ أَدْرَكَ رَمَضَانَ فَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ فَقُلْتُ: آمِينَ” شعب الإيمان، باب تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم ) بعد من أدرك رمضان فلم يغفر له، قل آمين” فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: “آمين”، في الحديث الآخر يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: “بعد من أدرك رمضان فلم يغفر له، إن لم يغفر له في رمضان فمتى”، الفرصة الكبيرة جاءته في رمضان، فكيف لا يغفر له، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( “مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ” البخاري، بَابُ فَضْلِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ) “من صام رمضان وقامه إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه” هذا في صحيح البخاري، وفي مسند أحمد (مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ” أحمد 2/385(9001) “وما تأخر”،
وجاء في بعض الروايات “يغفر الله لمن قام رمضان وصامه إلا أربعة” من هم الأربعة ؟ الأول هو مدمن الخمر (” رَجُلٌ مُدْمِنُ خَمْرٍ، وَعَاقٌّ لِوَالِدَيْهِ، وَقَاطِعُ رَحِمٍ، وَمُشَاحِنٍ” شعب الإيمان، باب التماس ليلة القدر ) والعياذ بالله، الذي يعاقر الخمر ويشربها أعاذنا الله وإياكم من ذلك، وأسأل الله أن يعافي من ابتلي بمثل هذه المصيبة الكبيرة، شارب الخمر أقسم الله أن يسقيه من نهر الغوطة وَمَنْ مَاتَ مُدْمِنًا لِلْخَمْرِ سَقَاهُ الله عَزَّ وَجَلَّ مِنْ نَهْرِ الْغُوطَةِ .قِيلَ : وَمَا نَهَرُ الْغُوطَةِ ؟ قال : نَهَرٌ يَجْرِي مِنْ فُرُوجِ الْمُومِسَاتِ يُؤْذِي أهْلَ النَّارِ رِيحُ فُرُوجِهِمْ. أحمد 4 /399 ( 17569)، قيل وما نهر الغوطة يا رسول الله؟ قال: “نهر يسيل من فروج الزناة في نار جهنم” والعياذ بالله من ذلك، وأن يطعمه من طينة الخبال، قالوا وما هي طينة الخبال يا رسول الله؟ “إِنَّ عَلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ عَهْدًا لِمَنْ يَشْرَبَ الْمُسْكِرَ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ وَمَا طِينَةُ الْخَبَالِ ؟ قَالَ: عَرَقُ أَهْلِ النَّارِ، أَوْ عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ” أحمد 3/360(14941) قال: صديد أهل النار ودماؤهم التي تسيل منهم والعياذ بالله من ذلك. فالعقل نعمة كبيرة من الله بها على الإنسان، فينبغي أن لا يضيعها. فمدمن الخمر لا يغفر له حتى يتوب من شرب الخمر فيغفر له. الحمد لله البلاد فيها هنا أماكن للعلاج من الإدمان، من علم ممن يعرفهم أنه مبتلى بذلك ينصحه ويأخذ بيده إلى هناك.
الأمر الثاني عقوق الوالدين الذي يسيء الأدب على والديه برفع الصوت أو مخالفة الأمر في غير معصية الله أو حتى بالنظرة، قال العلماء أن الذي ينظر إلى أحد والديه بنظره شزرة أي فيها شيء من الغضب دخل في العاقين إذا لم يتب ويطلب المسامحة من والديه، لا سيما إذا كبر الوالدان في السن يبدأ الطبع يتغير ويبدأ الغضب يشتد، فيحتاج هذا الأمر إلى رعاية كبيرة، والبر دين، البر سلف.
والنوع الثالث الذين لا يغفر لهم هو المقاطعين للرحم ، هذا الكلام نكرره كل سنة يا إخوان، الذي حضر معنا السنة الماضية سيتذكر هذا الكلام، قاطع الرحم لا يغفر له، ملعون بنص الكتاب والسنة والعياذ بالله، أي مطرود من رحمة الله حتى يصلح بينه وبين رحمه، ولو كان رحمه هؤلاء مسيئون، ولو كانوا أخطئوا في حقه لا يجوز أن يقطهم، فإن قال إنهم يؤذونني، فإن كانوا يؤذونك فأبقك بينك وبينهم السلام، إن جاء شهر رمضان قل لهم السلام عليكم مبارك عليكم الشهر، إن جاء العيد قل لهم السلام عليكم من العايدين، (” بُلُّوا أَرْحَامَكُمْ وَلَوْ بِالسَّلَامِ” شعب الإيمان، باب صلة الأرحام ) “بلوا أرحامكم ولو بالسلام”، فلا يجوز أبداً مقاطعة الرحم، بعض الناس يقاطع رحمه على قطعة أرض، أو على كلمة أحياناً نقلتها امرأة من النساء أو أحد من أصحاب الفتنة، فلا تجوز أبداً قطيعة الرحم.
النوع الرابع من هؤلاء الأربعة الذي لا يغفر لهم في شهر رمضان هو المشاحن أي الذي يبيت ويحمل في قلبه شحناء أي بغضاء على أحد المسلمين، أساؤوا إليك أو قصروا في حقك أو بلغك كلام من أحد، لا ترضى لنفسك أن تبيت وقلبك ملوث في قاذورات البغضاء، أن يبيت الإنسان وفي قلبه حقد أو كراهية فهذا قذر ووسخ، أنت ترضى أن تبيت والوسخ في جسمك؟ ترضى أن تبيت والوسخ في مأواك؟ ترضى أن تبيت والوسخ في فراشك؟ ما ترضى، فكيف ترضى أن تبيت والوسخ في قلبك، وقلبك هو محل نظر الله، أن ينظر الله إلى قلب أحد منا فيرى أنه يكره أحد أو يبغض أحد أو يسيء الظن في أحد أو يحمل على أحد، هذا خطير، ولو وصلت الشحناء في القلب إلى حد المقاطعة، ما أريد.. فلان لا تجيب طاريه.. لا تكلمني عنه، لا تذكرلي اسمه، لماذا قلبك فيه شيء؟ لا أنا قلبي نظيف بس ما أريد أراه، كيف قلبك نظيف ولا تريد أن تراه؟ لو كان قلبك نظيف لكنت تريد أن تراه ما عندك مشكلة، دام أنك لا تستطيع أن تذكره ولا تراه فمعنى هذا أن في قلبك شيء، فقم وطهر قلبك، والذي يعين على تطهير القلب، ذكرناه في السنوات الماضية والآن نذكر أنفسنا بها للذي لم يعمل بها أو جد عليه شحناء هذه الليلة يبدأ بها.
الذي يعين على تطهير القلب أولاً الدعاء للإنسان الذي تجد في قلبك عليه شيء، تجد في قلبك شيء على إنسان، ظلمك.. آذاك ادع له، قال لا أنا سأدعي عليه، إن دعوت عليه بقدر الظلم لا تأثم لكن فوّت خير، لكن إن دعوت عليه بأكثر من قدر ما ظلمك أنت تأثم، وربما يأتي يوم القيامة يأخذ من حسناتك فانتبه، ادع له بالهداية، فلو دعوت له بالهداية لن يظلم الناس فتكون قد سلمت الناس من الشر، فتدعو له بصدق وإخلاص، كلما وجدت في قلبك عليه شيء ادع له، واستمر في ذلك فستجد قلبك تطهر تجاه الناس الذين من حولك، لكن ادع له بصدق، بعض الناس دعاهم مثل السب، يا رب فلان اهديه واكفينا شره، فهذا صار مثل الشتيمة، ما عاد مثل الدعاء، الدعاء معناه أنك تريد الخير له، وليس معناه أنك تفرغ الذي بداخلك من شحنة بغضاء بهذا الأسلوب، إنما تقول اللهم اهده، اللهم أصلحه، اللهم اجزه خيراً، اللهم خذ بيده، اللهم تب عليه، اللهم اكفه شر نفسه، اللهم بلغه الإيمان، اللهم رقه في الإيمان، هذا ثقيل، وبعض الناس يقول أنا لا أريد أن أكون منافق من أول يوم في رمضان، لساني يدعو وقلبي ما هو راضي، فهذا ليس بنفاق، هذا تطهير للقلب طهر قلبك من البغضاء وادع لمن أساء إليك.
الأمر الثاني تتذكر أنك أخطأت، فهل عمرك لم تخطئ؟ قد يقول فلان عمري ما أخطأت عليه، طيب ولم تخطئ بينك وبين الله؟ لم تقصر بينك وبين الله؟ وأينا لم يقصر ولم يخطئ ولم يذنب، تريد الله يغفر لك يوم القيامة؟ سامح خلقه يغفر لك يوم القيامة، (أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ” النور:22) “ألا تحبون أن يغفر الله لكم”، إذا كنت تحب أن يغفر الله لك فسامح، إذا كانت نفسك لا تريد أن تسامح فذكرها بهذا المعنى، قل لها إن سامحت اليوم يسامحك الله غداً يوم القيامة.
الأمر الثالث هو أن تفهم وتذكر نفسك أن قلبك هو أعلى شيء عندك، أغلى شيء عندك هو قلبك، لم؟ لأنه محل نظر الله “إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أجسامكم ولكن ينظر إلى قلوبكم” فيكف ترضى أن يتجاوز أذى هذا الإنسان لك، آذاك في بيت، آذاك في مال، آذاك في كلام، آذاك في مصلحة، آذاك في جرح، آذاك في معاملة، آذاك في أي إساءة، ترضى أن يتجاوز أمر إساءته إليك ما حواليك إلى قلبك، أنت سمحت أن يؤذي قلبك إذا سمحت أن يحمل قلبك البغضاء له.
فينبغي أن تلاحظ هذه الأمور مع مجيء شهر رمضان، شهر المسامحة، نسأل الله عز وجل أن يرزقنا حسن الإقبال عليه، والصدق معه، والثبات على ما يحبه ويرضاه، وأن يبارك لنا في هذا الشهر، وأن يجعلنا من عتقائه وطلقائه ونقذائه وأسرائه وأجرائه وأمنائه من النار، وقد أدركنا الوقت ولكن نقرأ نص حديث ونشرحه إن شاء الله عز وجل في المجلس القادم، تبركاً بقراءة حديث الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم.
قال وبالسند الصحيح المتصل إلى إمام المحدثين محمد بن إسماعيل بن بردزبة البخاري الجعثي رحمه الله تعالى يقول
بَابٌ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ
قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَسَلَمَةُ بْنُ الْأَكْوَعِ : نَسَخَتْهَا “شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ، فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ، وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ،يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ”
وَقَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي لَيْلَى حَدَّثَنَا أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : نَزَلَ رَمَضَانُ فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَكَانَ مَنْ أَطْعَمَ كُلَّ يَوْمٍ مِسْكِينًا تَرَكَ الصَّوْمَ مِمَّنْ يُطِيقُهُ وَرُخِّصَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ فَنَسَخَتْهَا ” وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ” فَأُمِرُوا بِالصَّوْمِ
حَدَّثَنَا عَيَّاشٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَرَأَ “: فِدْيَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ (مِسْكِينٍ)” قَالَ : هِيَ مَنْسُوخَةٌ
يكون إن شاء الله شرح هذا الحديث وما بعده من أحاديث في الدرس القادم غداً بإذن الله تعالى. رزقني الله وإياكم الثبات على ما يحب ويرضى، ثبتنا وإياكم على الصدق والإخلاص في القول والعمل والنية، وبارك لنا ولكم في قدوم هذا الشهر، اللهم سلمنا لرمضان، وسلم رمضان منا، وتسلمه منا متقبلا، واجعله شهر فرج عن أمة الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم، اللهم إنه قد نزل بأمة الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم ما لا يخفاك وما لا يرفعه أحد سواك، اللهم فرج عن إخواننا في فلسطين وفي العراق وفي لبنان وفي السودان وفي مشارق الأرض ومغاربها، اللهم بارك في هذا البلد، وابسط فيه بسط الخير والنور والأمن والإيمان والهدى والصلاح والاستقامة والرشاد، وجنبه ومن فيه أسباب الأذى والبلا والفتن والمحن والأمراض والحروب والمعاصي والأنكاد، وسائر بلدان المسلمين، ووفق من وليته أمر هذا البلد إلى ما تحبه وترضاه، وأعنه على البطانة الصالحة وأيده بتأييد من عندك يا كريم وسائر من وليتهم أمور المسلمين، واجمع شمل علماء المسلمين ووحد صفوفهم، اللهم آت نفوسنا تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها، اللهم ما كان قبل هذا من ذنب أو معصية أو إساءة أو اجتراء على حضرتك أو خيانة لعهدك أو تقصير في حقك أو نكوصاً عن توبة تبناها معك، نسألك اللهم أن تغفر لنا جميع ذلك وأن تتحمل عنا التبعات، وأن تحفظنا فيما هو آت، وأن تكون لنا بما كنت به للمحبوبين من عبادك، اللهم إن لك في كل ليلة من شهر رمضان عتقاء وطلقاء ونقذاء وأسراء وأجراء وأمناء من النار، فاجعلنا وسائر أهلينا ومولودينا وسائر ذوي الحقوق علينا والمسلمين من عتقائك وطلقائك ونقذائك وأسرائك وأجرائك وأمنائك من النار، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين، الفاتحة
هدى 7 أبريل 2011 الساعة 6:31 م
بارك الله فيك يا شيخنا
والله انى لاحبك فى الله
بارك الله لك فى عمرك ومتعك بفضله وكرمه
تنبيه: المجلس الأول: مقدمة الجزء الثاني « شروح البخاري |
kamel 28 أغسطس 2009 الساعة 3:27 ص
بسم الله و الصلاة على أشرف خلق الله و على آله وصحبه بارك الله فيك وبارك في عمرك نسألك الدعاء بالفتح
بنت الاسلام 27 أغسطس 2009 الساعة 5:21 م
ربنا يبارك فيك ويزيدك من علمه يا مولانا
والله نتمنى ان يطول الاستماع لك إلى ما شاء الله
ربنا يحفظك ويبارك فيك
علي مقلد 27 أغسطس 2009 الساعة 9:01 ص
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله في شيخنا العلامة الحبيب علي الجفري حفظه الله
ونفعنا بعلمه ونفع الأمة بأسرها اللهم آمين
البتول 26 أغسطس 2009 الساعة 6:26 م
اللهم علمنا ماينفعنا و زدنا علماً وبارك لنا فيه .. آمييين
جزى الله عنا الحبيب علي خير الجزاء ونفعنا الله به وبعلومه في الدارين آمين
دعواتكم
`محمد العود 26 أغسطس 2009 الساعة 4:06 ص
بارك الله في الشيخ الحبيب الجفري ونفعنا الله بعلمه ورزقنا محبته
والله انه لشرف لنا في اليمن خاصه وبلاد المسلمين كافه امين امين يارب العالمين
sakr korish 26 أغسطس 2009 الساعة 3:21 ص
مبارك علينا جميعا افتتاح هذا الموقع الرائع
وجزاك الله شيخنا الكريم الخير العظيم
رشأ آل- مهدي 25 أغسطس 2009 الساعة 3:41 م
جزاكم الله عنا خيراً ووفقنا وإياكم إلى ما يحب ويرضى وتقبل منا ومنكم جميل الأعمال وصالحها وستر وجمل ناقصها وقبيحها
محمود قطب 24 أغسطس 2009 الساعة 9:52 م
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مبارك لنا الحبيب الذي لطالما وددت أن أجلس بين رحابه واستمع لحديثه العذب الشجي ، ومبارك للشعب المصري جميعا بوجوده بين رياضه.
عمار عزت (محب لآل البيت وللحبيب الجفرى) 24 أغسطس 2009 الساعة 4:50 ص
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مرحب بيك أيها الحيبب فى مصر بين أجدادك و أحبابك من آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم نفعنا الله بك وحشرنا معك فى جماعة حبيبه عليه صلاة الله وسلامه وعلى آله و أصحابه أجمعين
Mostafa 23 أغسطس 2009 الساعة 11:36 م
السلام عليكم
لو من الممكن رفع الحلقات فيديو كما في ايها المريد لو متاحه ولكم جزيل الشكر
مهدي 23 أغسطس 2009 الساعة 5:51 م
بسم الله الرحمان الرحيم
اللهم وفر حظنا مما أودعت في شهر القرآن من نفحات و أفضال و عطايا ..
اللهم إني أشهدك أني أحب الحبيب علي زين العابدين الجفري ..
اللهم اجزه عنا خير الجزاء ، و سدد منطقه و اصرف عنه كيد الكائدين ..
أكون في غاية السعادة إن أتيح لي الحديث إلى داعيتنا الحبيب علي فلي ولع لا تقوى الكلمات على الإحاطة به ..
سلام الله عليكم أجمعين ..
مهدي – المغرب ..
ملاك 23 أغسطس 2009 الساعة 12:25 م
السلام عليكم ..
رمضان كريم .. أعانكم الله على صيامه وقيامه إيمانا و احتسابا.
بارك الله فيك حبيبنا بعد رسول الله وصحابته الشيخ علي الجفري ورزقك الإخلاص ونفع بك.
بهية المصرية 23 أغسطس 2009 الساعة 4:21 ص
مبروك افتتاح الموقع الجديد … فتحت خير وإفادة للمسلمين .. أمين يارب العالمين… والف مبروك عودة الحبيب الى بلده .. مصر أم الدنيا … تشرفت به وأنارت وأرتاح بال المصريين برؤية حفيد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
Mostafa 23 أغسطس 2009 الساعة 12:49 ص
السلام عليكم
وكل عام وانت بخير ويعوده عليكم بالخير واليمن والبركات
ونتمني الخير للأمه الاسلاميه
ان شاء الله يكون برنامج خير يفيد ويكون عونا لكثير من الناس
ارجو رفع الحلقات كما في العام الماضي لنستفيد من البرنامج وننشره لما فيه الخير
والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته
عبيدة 22 أغسطس 2009 الساعة 6:18 م
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نهنؤكم بحلول بركات الشهر
وافتتاح موقع خاص لبرنامج شروح البخاري
نسأل الله حسن الاستفادة منه
وأن يعينكم ويثيبكم عظيم الثواب
إيناس 22 أغسطس 2009 الساعة 6:12 م
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مبارك علينا وعليكم الشهر و افتتاح موقع شروح البخاري
نسأل الله أن يوفقكم لحسن إفادة الناس به
وأن يتقبل جهودكم. إنه ولي ذلك والقادر عليه
نرجو الدعاء