المجلس الحادي عشر: باب من أقسم على أخيه ليفطر في التطوع

العنوان مثال لقاعدة أن فقه الإمام البخاري في تراجم أبوابه، والباب فيه حديث واحد  قوامه زيارة سلمان لأخيه أبي الدرداء  يوماً وليلة، مع ربطها بقاعدة إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا وَلِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا وَلِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، والتي أضحت بمثابة التشريع بقوله صلى الله عليه وآله وسلم: صَدَقَ سَلْمَانُ.

ثم استنباط مسائل فقهية من الحديث منها هل للمتطوع بالصوم أن يفطر؟ وإذا أفطر لغير عذر فهل عليه القضاء وجوباً أم استحباباً؟ ومنها استحباب زيارة الإخوان في الله من وقت لآخر، ومنها جواز الكلام بين الرجل والمرأة الأجنبية لحاجة أو مصلحة ولو لغير المتكلم، مع ضبط كيف تكون العلاقة بين الرجل والمرأة الأجنبية بعيداً عن الإفراط والتفريط.

وأخيراً تفصيل الحديث عن ضوابط ثلاثة لفقه التعامل مع الإقبال على العبادة: ألا يترتب على التقرب إضرار بحقوق الغير (الموظف الذي يترك عمله لقراءة القرآن في نهار رمضان مضيع للأمانة )، مراعاة التدرج في ترويض النفس حذراً من الملل والفتور ، ألا يكون ذلك مقروناً بالعجب وانتقاص طاعات الآخرين ( ترك الزواج ترفعاً عن الشهوات وانتقاصاً لمن بادر إلى الزواج باطل وخطير، و من تزوج وأدي الحقوق أفضل ممن لم يتزوج ومن لم يتزوج أفضل ممن تزوج وأضر بالحقوق ).

* استمع للحلقة

نص البخاري

بَابُ مَنْ أَقْسَمَ عَلَى أَخِيهِ لِيُفْطِرَ فِي التَّطَوُّعِ وَلَمْ يَرَ عَلَيْهِ قَضَاءً إِذَا كَانَ أَوْفَقَ لَهُ

  • حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ حَدَّثَنَا أَبُو الْعُمَيْسِ عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ آخَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ سَلْمَانَ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ فَزَارَ سَلْمَانُ أَبَا الدَّرْدَاءِ فَرَأَى أُمَّ الدَّرْدَاءِ مُتَبَذِّلَةً فَقَالَ لَهَا مَا شَأْنُكِ قَالَتْ أَخُوكَ أَبُو الدَّرْدَاءِ لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ فِي الدُّنْيَا فَجَاءَ أَبُو الدَّرْدَاءِ فَصَنَعَ لَهُ طَعَامًا فَقَالَ كُلْ قَالَ فَإِنِّي صَائِمٌ قَالَ مَا أَنَا بِآكِلٍ حَتَّى تَأْكُلَ قَالَ فَأَكَلَ فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ ذَهَبَ أَبُو الدَّرْدَاءِ يَقُومُ قَالَ نَمْ فَنَامَ ثُمَّ ذَهَبَ يَقُومُ فَقَالَ نَمْ فَلَمَّا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ قَالَ سَلْمَانُ قُمِ الْآنَ فَصَلَّيَا فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا وَلِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا وَلِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدَقَ سَلْمَانُ”.

تخريج الأحاديث حسب السياق

  • عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كُنْتُ أَنَا وَحَفْصَةُ صَائِمَتَيْنِ فَعُرِضَ لَنَا طَعَامٌ اشْتَهَيْنَاهُ  فَأَكَلْنَا مِنْهُ  فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَدَرَتْنِي إِلَيْهِ حَفْصَةُ وَكَانَتْ بِنْتَ أَبِيهَا  قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّا كُنَّا صَائِمَتَيْنِ الْيَوْمَ فَعُرِضَ لَنَا طَعَامٌ اشْتَهَيْنَاهُ فَأَكَلْنَا مِنْهُ . فَقَالَ  اقْضِيَا يَوْمًا آخَرَ( أحمد 6/263(26267)الترمذي، باب إيجاب القضاء عليه
  • ” وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ” ( الأحزاب:53)
  • فَصُمْ صَوْمَ دَاوُدَ نبي اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَإِنَّهُ كَانَ أَعْبَدَ النَّاسِ( مسلم، باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به أو فوت به حقاً)
  • أَمَا وَاللهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي ( البخاري، بَابُ التَّرْغِيبِ فِي النِّكَاحِ)
  • ” قَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى تَوَرَّمَتْ قَدَمَاهُ”(أحمد 4/251(18198)
  • وَقَالَ لي النبي صلى الله عليه وسلم :إِنَّكَ لاَ تَدْرِى لَعَلَّكَ يَطُولُ بِكَ عُمْرٌ ” قَالَ فَصِرْتُ إِلَى الذي قَالَ لي النبي صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا كَبِرْتُ وَدِدْتُ أَنِّى كُنْتُ قَبِلْتُ رُخْصَةَ نبي اللَّهِ صلى الله عليه وسلم( مسلم، باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به أو فوت به حقاً)

أكتب تعليق

(*) حقول مطلوبة

أعلى الصفحة