المجلس الثامن عشر: باب من زار قوماً فلم يفطر عندهم

تكملة  وصايا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لسيدنا أبي هريرة التي كانت محور حديث المجلس السابق بالتركيز على مسألة الوصية بصلاة الضحى وأن صلاة الضحى من السنة المؤكدة وأقلها ركعتان ، وبالجمع بينها وبين رواية السيدة عائشة رضي الله عنها: مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبَّحَ سُبْحَةَ الضُّحَى وَإِنِّي لَأُسَبِّحُهَا، تأكيداً لعدد من المسائل والفوائد.

* استمع للحلقة

أولها: أن السيدة عائشة رضي الله عنها لم تر بأساً في الأخذ بسنة حسنة لم يفعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبالاستطراد إلى مفهوم البدعة وأنها على خمسة أقسام في رأي العلماء الثقات فليست كل بدعة سيئة ، بضابط أن يكون لها أصل في الشرع وألا تعارض حكماً قطعياً ثابتاً.

ثانيها: للسيدة عائشة رضي الله عنها استدراكات على رواة الحديث ولها اختيارات تفردت بها، فيسلم لها في اختياراتها المخالفة لرأي جمهور الصحابة لكن يؤخذ برأي الجمهور بالتطبيق على قولها رضي الله عنها: مَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلَا فِي غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، طبقاً لقاعدة من حفظ حجة على من لم يحفظ.

الثالثة: خطورة التسرع في الأخذ بالأحكام وإفتاء الناس بها عن غير علم ولا تثبت ولا منهج الجمع بين الأحاديث، فكثرت في الفضائيات فتاوى تصادم وتخالف أموراً ثابتة تلقتها الأمة بالسند المتصل وتعهدتها عبر القرون، بما قد يترتب عليها من آثار لا يقدرها العابثون من تنشئة جيل غير واثق مما توارثته الأمة عبر 1400 سنة.

الرابعة : أن ما يستدل به العابثون بمقدرات الأمة من أحاديث قد مرت قبلهم على علماء الأمة بالتسلسل العملي عمن كانوا يصلون خلف رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، في عصر تعاد فيه صياغة كل المفاهيم الإنسانية في كافة المجالات وتنقض المفاهيم الثابتة والمتوارثة بهدف نقل البشر إلى النسبية المطلقة دون ثوابت، فتحول مسار الاجتهاد الشرعي وتجرأ من ليسوا بأهل وخلت الساحة ممن يحفظ على الأمة ثوابتها.

ثم الانتقال إلى الباب التالي عن زيارة النبي صلى الله عليه وسلم لأم سليم، والفوائد المستفادة ، بالتأكيد على عدة منها:

  • الذي يذهب لا لضيافة وهو صائم هل يفطر أم لا ؟
  • مراعاة البلاغة في الطلب في قول أم سليم: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ لِي خُوَيْصَّةً قَالَ مَا هِيَ قَالَتْ خَادِمُكَ أَنَس
  • من ثمرات اعتناء الأم بطلب الدعاء: فَمَا تَرَكَ خَيْرَ آخِرَةٍ وَلَا دُنْيَا إِلَّا دَعَا لِي بِهِ
  • فرطنا في تربية أولادنا على فضيلة طلب الدعاء وقد طلبها رسولنا صلى الله عليه وسلم من عمر بن الخطاب رضي الله عنه
  • بركة الدعاء: فَإِنِّي لَمِنْ أَكْثَرِ الْأَنْصَارِ مَالًا وَحَدَّثَتْنِي ابْنَتِي أُمَيْنَةُ أَنَّهُ دُفِنَ لِصُلْبِي مَقْدَمَ حَجَّاجٍ الْبَصْرَةَ بِضْعٌ وَعِشْرُونَ وَمِائَةٌ
  • البركة الأكبر اصطفاء الله تعالى لسيدنا أنس خادماً لرسوله وراوياً لأحاديث نبيه صلى الله عليه وسلم.

نص البخاري

بَابُ مَنْ زَارَ قَوْمًا فَلَمْ يُفْطِرْ عِنْدَهُمْ

- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنِي خَالِدٌ هُوَ ابْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أُمِّ سُلَيْمٍ فَأَتَتْهُ بِتَمْرٍ وَسَمْنٍ قَالَ أَعِيدُوا سَمْنَكُمْ فِي سِقَائِهِ وَتَمْرَكُمْ فِي وِعَائِهِ فَإِنِّي صَائِمٌ ثُمَّ قَامَ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنَ الْبَيْتِ فَصَلَّى غَيْرَ الْمَكْتُوبَةِ فَدَعَا لِأُمِّ سُلَيْمٍ وَأَهْلِ بَيْتِهَا فَقَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ لِي خُوَيْصَّةً قَالَ مَا هِيَ قَالَتْ خَادِمُكَ أَنَسٌ فَمَا تَرَكَ خَيْرَ آخِرَةٍ وَلَا دُنْيَا إِلَّا دَعَا لِي بِهِ قَالَ اللهُمَّ ارْزُقْهُ مَالًا وَوَلَدًا وَبَارِكْ لَهُ فَإِنِّي لَمِنْ أَكْثَرِ الْأَنْصَارِ مَالًا وَحَدَّثَتْنِي ابْنَتِي أُمَيْنَةُ أَنَّهُ دُفِنَ لِصُلْبِي مَقْدَمَ حَجَّاجٍ الْبَصْرَةَ بِضْعٌ وَعِشْرُونَ وَمِائَةٌ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ سَمِعَ أَنَسًا رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

تخريج الأحاديث حسب السياق

  • مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبَّحَ سُبْحَةَ الضُّحَى وَإِنِّي لَأُسَبِّحُهَا( البخاري، بَابُ مَنْ لَمْ يُصَلِّ الضُّحَى وَرَآهُ وَاسِعًا )
  • مَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلَا فِي غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً ( البخاري ، بَابُ قِيَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاللَّيْلِ فِي رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ)
  • لاَ تَنْسَنَا يَا أُخَيَّ مِنْ دُعَائِكَ، فَقَالَ كَلِمَةً مَا يَسُرُّنِي أَنَّ لِي بِهَا الدُّنْيَا”أحمد 1/29(195)

أكتب تعليق

(*) حقول مطلوبة

أعلى الصفحة