المجلس التاسع: باب التنكيل لمن أكثر الوِصال

جرى الحديث في المجلس الثامن عن جانب من جوانب خصوصية الرسول عليه الصلاة والسلام، بالاستناد إلى قوله عليه الصلاة والسلام:” إِنِّي لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ إِنِّي أَبِيتُ لِي مُطْعِمٌ يُطْعِمُنِي وَسَاقٍ يَسْقِينِ”، مع توضيح خطورة وقوف البعض عند جوانب البشرية في الشمائل المحمدية خوفاً من توهم المغالاة في محبته وتوقيره وتعظيمه.

ثم استكمال الحديث في المجلس التاسع أولاً عن الخصوصيات المطلقة التي انفرد بها نبينا عليه وآله الصلاة والسلام، ومنها قوله عليه الصلاة والسلام:” كُنْتُ نَبِيًّا وَآدَمُ بَيْنَ الرُّوحِ وَالْجَسَدِ، مع تبسيط الشرح للمعنى الصحيح لوجه الخصوصية هنا، وأنها لا تقف بحال عند حدود ما زعمه الزاعمون من أنه صلى الله عليه وسلم كان موجوداً في علم الله تعالى وآدم بين الروح والجسد أو في الرواية الأخرى :”وَإِنَّ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ لَمُنْجَدِلٌ فِي طِينَتِهِ”، وكلتاهما رواية صحيحة لا نعلم خلافاً يعتد به في صحتها.

ثم بسط الحديث ثانياً عن جوانب البشرية في شمائل الرسول عليه الصلاة والسلام، وأن في كل جانب من جوانب البشرية تلك فيها خصوصية عن سائر البشر، ومنها قوله عليه الصلاة والسلام:” تَنَامُ عَيْنِي وَلَا يَنَامُ قَلْبِي” بصدد صلاة الوتر تارة وبصدد الصلاة بعد النوم بغير وضوء تارة أخرى، فصلوات ربي وسلامه على من تنام عيناه ولا ينام قلبه، إذ في كل أوجه البشرية انطواء لمعنى من معاني الخصوصية.

وثالثاً الحديث عن مرتبة وسطى بين البشرية والخصوصية تهمني وتهمك، تتصل بجانب القدوة والاقتداء، ففي ذكر جوانب الخصوصية امتلاء القلوب بالمهابة والتعظيم لسيدنا محمد عليه وآله الصلاة والسلام، وأن امتلاء القلوب بالمهابة والتعظيم مدعاة للانقياد والاقتداء الصادق والعميق في كل الأحوال والأفعال التي تندرج ضمن جوانب بشرية الرسول عليه الصلاة والسلام.

وخلاصة المجلس ضرورة تربية الأولاد على محبة الرسول عليه الصلاة والسلام من الصغر، والتنبيه على أن المغالاة في ابتعاد الأبناء عن معاني المحبة والتعظيم تلك أثمر لنا جيلاً قد يذهب إلى الحج والعمرة ولا يجد وقتاً للسلام علي الحبيب صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة، مع التوضيح بأن المسألة لا تتصل بحكم شرعي حول ما إذا كانت زيارة الرسول من واجبات الحج أم لا؟ وإنما تتعلق المسألة بخلو القلوب من المحبة والشوق والتعظيم… ومن ثم التأكيد على عدة أمور:

  1. زوروا رسولكم ولو من قبيل أن تقولوا له: جزاكم الله عنا خيراً من نبي ورسول…
  2. هل خطر في بالكم أنه يرد عليكم تحيتكم وسلامكم إذا زرتموه…
  3. أدمنوا النظر في كتب السيرة والشمائل والخصائص فلم يهتموا بجمعها وتبليغها  سدى.

* استمع للحلقة

نص البخاري

بَابٌ التَّنْكِيلِ لِمَنْ أَكْثَرَ الْوِصَالَ رَوَاهُ أَنَسٌ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

  • حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْوِصَالِ فِي الصَّوْمِ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ إِنَّكَ تُوَاصِلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَأَيُّكُمْ مِثْلِي إِنِّي أَبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِ فَلَمَّا أَبَوْا أَنْ يَنْتَهُوا عَنْ الْوِصَالِ وَاصَلَ بِهِمْ يَوْمًا ثُمَّ يَوْمًا ثُمَّ رَأَوْا الْهِلَالَ فَقَالَ لَوْ تَأَخَّرَ لَزِدْتُكُمْ كَالتَّنْكِيلِ لَهُمْ حِينَ أَبَوْا أَنْ يَنْتَهُوا
  • حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِيَّاكُمْ وَالْوِصَالَ مَرَّتَيْنِ قِيلَ إِنَّكَ تُوَاصِلُ قَالَ إِنِّي أَبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِ فَاكْلَفُوا مِنْ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ

تخريج الأحاديث حسب السياق

  • كُنْت نَبِيًّا وَآدَمُ بَيْنَ الْمَاءِ وَالطِّينِ (السخاوي: لم أقف عليه بهذا اللفظ)
  • كُنْتُ نَبِيًّا وَآدَمُ بَيْنَ الرُّوحِ وَالْجَسَدِ (أخرجه أحمد والبخاري في تاريخه والترمذي وصححه الحاكم)
  • إِنِّي عَبْدُ اللهِ لَخَاتَمُ النَّبِيِّينَ ، وَإِنَّ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ لَمُنْجَدِلٌ فِي طِينَتِهِ ( أحمد 4/128(17295)
  • فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ تَنَامُ قَبْلَ أَنْ تُوتِرَ؟ قَالَ: تَنَامُ عَيْنِي وَلَا يَنَامُ قَلْبِي ( البخاري، باب النبي صلى الله عليه وسلم تنام عيناه ولا ينام قلبه)
  • ثُمَّ نَامَ حَتَّى نَفَخَ وَكَانَ إِذَا نَامَ نَفَخَ ثُمَّ أَتَاهُ الْمُؤَذِّنُ فَخَرَجَ فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ( البخاري، بَابٌ إِذَا قَامَ الرَّجُلُ عَنْ يَسَارِ الْإِمَامِ)
  • إِنَّ خَيَّاطًا دَعَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِطَعَامٍ صَنَعَهُ قَالَ أَنَسٌ فَذَهَبْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَأَيْتُهُ يَتَتَبَّعُ الدُّبَّاءَ مِنْ حَوَالَيِ الْقَصْعَةِ قَالَ فَلَمْ أَزَلْ أُحِبُّ الدُّبَّاءَ مِنْ يَوْمِئِذٍ ( البخاري، بَابُ مَنْ تَتَبَّعَ حَوَالَيِ الْقَصْعَةِ مَعَ صَاحِبِهِ إِذَا لَمْ يَعْرِفْ مِنْهُ كَرَاهِيَةً).

أكتب تعليق

(*) حقول مطلوبة

أعلى الصفحة