المجلس الرابع عشر: باب ما يذكر من صوم النبي وإِفطاره (2)

     محاولة لسبر وفهم مسألة في غاية الدقة تتعلق بمعنى أن يترك النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعض الطاعات خشية الفرض، فما هو المقصود من ترك الرسول عليه الصلاة والسلام لصلاة التراويح في المسجد على سبيل المثال خشية الفرض كما ورد في قوله صلى الله عليه وسلم:” قَدْ رَأَيْتُ الَّذِي صَنَعْتُمْ وَلَمْ يَمْنَعْنِي مِنَ الْخُرُوجِ إِلَيْكُمْ إِلَّا أَنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ؟ وكيف نفهم ألا يستمر الرسول عليه وآله الصلاة والسلام على شيء خشية الفرض؟

  ففي الإجابة عن هذا السؤال دلالات عظيم منزلته عليه الصلاة والسلام وعميق رحمته بأمته، وأن ما يجريه الله تعالى على قلبه أو لسانه أو فعله أمراً من الله تعالى، وهو الحق الذي لا يأتيه باطل من بين يديه ولا من خلفه، ولكم أن تتأملوا الدليل في قوله عليه الصلاة والسلام:” وَلَوْ قُلْتُ: نَعَمْ، لَوَجَبَتْ.رداً على سؤال البعض عن وجوب الحج في كل عام .

      وبالتطبيق فإن تشريع الله تعالى للناس مرتبط بما يجري على قلب رسول الله عليه وآله الصلاة والسلام ولسانه، وأن تحويل القبلة خير شاهد قريب إلى الأفهام على أن الله تعالى يجري تشريعاً مرتبطاً بقلب رسول الله عليه وآله الصلاة والسلام، فحتى قبلتنا وعنوان توحيدنا مرتهنة برضا رسول الله صلى الله عليه وسلم،  فصلى الله تعالى وسلم على من جعل رضاه مرتبطاً بعبادتنا لله عز وجل.

  ثم الانتقال فيما تبقى من المجلس إلى جانب الضبط المنهجي للمسألة وهي أن الحبيب عليه الصلاة والسلام هو أشد الخلق امتثالاً لأمر الله تعالى فلا يخطر على قلبه الشريف إلا ما فيه موافقة لأمر الله تعالى، ومن ثم فإن تركه عليه الصلاة والسلام لما فيه موافقة لأمر الله تعالى من التقرب بالطاعات كان من عميق رحمته لأمته خشية أن تفترض عليهم، وأنه يوجد كذلك من الصالحين من استسلمت نفوسهم لأمر الله عز وجل فوافقت أمر الله وألفت ما يريد الله ابتداء، ولهذا كانوا يقولون: إن لله رجالاً إذا أرادوا أراد الله.

* استمع للحلقة

نص البخاري

  • حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ هُوَ ابْنُ سَلَامٍ أَخْبَرَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ قَالَ سَأَلْتُ أَنَسًا رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ صِيَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَا كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ أَرَاهُ مِنَ الشَّهْرِ صَائِمًا إِلَّا رَأَيْتُهُ وَلَا مُفْطِرًا إِلَّا رَأَيْتُهُ وَلَا مِنَ اللَّيْلِ قَائِمًا إِلَّا رَأَيْتُهُ وَلَا نَائِمًا إِلَّا رَأَيْتُهُ وَلَا مَسِسْتُ خَزَّةً وَلَا حَرِيرَةً أَلْيَنَ مِنْ كَفِّ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا شَمِمْتُ مِسْكَةً وَلَا عَبِيرَةً  أَطْيَبَ رَائِحَةً مِنْ رَائِحَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

تخريج الأحاديث حسب السياق

  • قَدْ رَأَيْتُ الَّذِي صَنَعْتُمْ وَلَمْ يَمْنَعْنِي مِنَ الْخُرُوجِ إِلَيْكُمْ إِلَّا أَنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ ( البخاري، باب تحريض النبي صلى الله عليه وسلم على صلاة الليل والنوافل بغير إيجاب )
  • وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ( النجم:3)
  • لَمَّا نَزَلَتْ : “وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً قَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ ، الْحَجُّ فِي كُلِّ عَامٍ ؟ فَسَكَتَ ، ثُمَّ قَالُوا : أَفِي كُلِّ عَامٍ ؟ فَقَالَ : لاَ ، وَلَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ ، قَنَزَلَتْ : “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ” (أحمد 1/113(905).
  • عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحْرَسُ حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةَ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنْ النَّاسِ فَأَخْرَجَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَهُ مِنْ الْقُبَّةِ فَقَالَ لَهُمْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ انْصَرِفُوا فَقَدْ عَصَمَنِي اللَّهُ ( الترمذي، باب سورة المائدة ).
  • عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ كَعْبٍ قَالَ : كُنْتُ أَخْدُمُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَقُومُ لَهُ فِي حَوَائِجِهِ نَهَارِي ، أَجْمَعَ حَتَّى يُصَلِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعِشَاءَ الآخِرَةَ فَأَجْلِسَ بِبَابِهِ ، إِذَا دَخَلَ بَيْتَهُ أَقُولُ : لَعَلَّهَا أَنْ تَحْدُثَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَاجَةٌ فَمَا أَزَالُ أَسْمَعُهُ يَقُولُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : سُبْحَانَ اللهِ ، سُبْحَانَ اللهِ ، سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ ، حَتَّى أَمَلَّ فَأَرْجِعَ ، أَوْ تَغْلِبَنِي عَيْنِي فَأَرْقُدَ ، قَالَ : فَقَالَ لِي يَوْمًا لِمَا يَرَى مِنْ خِفَّتِي لَهُ ، وَخِدْمَتِي إِيَّاهُ : سَلْنِي يَا رَبِيعَةُ أُعْطِكَ ، قَالَ : فَقُلْتُ : أَنْظُرُ فِي أَمْرِي يَا رَسُولَ اللهِ ثُمَّ أُعْلِمُكَ ذَلِكَ ، قَالَ : فَفَكَّرْتُ فِي نَفْسِي فَعَرَفْتُ أَنَّ الدُّنْيَا مُنْقَطِعَةٌ زَائِلَةٌ ، وَأَنَّ لِي فِيهَا رِزْقًا سَيَكْفِينِي وَيَأْتِينِي ، قَالَ : فَقُلْتُ : أَسْأَلُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لآخِرَتِي فَإِنَّهُ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ بِالْمَنْزِلِ الَّذِي هُوَ بِهِ ، قَالَ : فَجِئْتُ فَقَالَ : مَا فَعَلْتَ يَا رَبِيعَةُ ؟ قَالَ : فَقُلْتُ : نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ ، أَسْأَلُكَ أَنْ تَشْفَعَ لِي إِلَى رَبِّكَ فَيُعْتِقَنِي مِنَ النَّارِ ، قَالَ : فَقَالَ : مَنْ أَمَرَكَ بِهَذَا يَا رَبِيعَةُ ؟ قَالَ : فَقُلْتُ : لاَ وَاللَّهِ الَّذِي بَعَثَكِ بِالْحَقِّ مَا أَمَرَنِي بِهِ أَحَدٌ ، وَلَكِنَّكَ لَمَّا قُلْتَ سَلْنِي أُعْطِكَ وَكُنْتَ مِنَ اللهِ بِالْمَنْزِلِ الَّذِي أَنْتَ بِهِ نَظَرْتُ فِي أَمْرِي ، وَعَرَفْتُ أَنَّ الدُّنْيَا مُنْقَطِعَةٌ وَزَائِلَةٌ وَأَنَّ لِي فِيهَا رِزْقًا سَيَأْتِينِي فَقُلْتُ : أَسْأَلُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لآخِرَتِي ، قَالَ : فَصَمَتَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَوِيلاً ثُمَّ قَالَ لِي : إِنِّي فَاعِلٌ فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ. ( مسند أحمد 4/59(16694)
  • كُنْتُ أَبِيتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَأَتَيْتُهُ بِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ ، فَقَالَ لِي : سَلْ ، فَقُلْتُ : أَسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ فِي الْجَنَّةِ. قَالَ : أَوَ غَيْرَ ذَلِكَ ؟ قُلْتُ : هُوَ ذَاكَ ، قَالَ : فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ. ( مسلم، باب فضل السجود والحث عليه )
  • وأصيبت يومئذ عين قتادة بن النعمان حتى وقعت على وجنته ، فردها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكانت أحسن عينيه وأحدهما ( دلائل النبوة للبيهقي )
  • قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا( البقرة:144)
  • مَا أُرَى رَبَّكَ إِلَّا يُسَارِعُ فِي هَوَاكَ ( البخاري، باب سورة الأحزاب)
  • يَنَامُ الرَّجُلُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ الأَمَانَةُ مِنْ قَلْبِهِ فَيَظَلُّ أَثَرُهَا مِثْلَ الْوَكْتِ ثُمَّ يَنَامُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ الأَمَانَةُ مِنْ قَلْبِهِ فَيَظَلُّ أَثَرُهَا مِثْلَ الْمَجْلِ كَجَمْرٍ دَحْرَجْتَهُ عَلَى رِجْلِكَ فَنَفِطَ فَتَرَاهُ مُنْتَبِرًا وَلَيْسَ فِيهِ شَىْءٌ – ثُمَّ أَخَذَ حَصًى فَدَحْرَجَهُ عَلَى رِجْلِهِ – فَيُصْبِحُ النَّاسُ يَتَبَايَعُونَ لاَ يَكَادُ أَحَدٌ يُؤَدِّى الأَمَانَةَ حَتَّى يُقَالَ إِنَّ في بني فُلاَنٍ رَجُلاً أَمِينًا. حَتَّى يُقَالَ لِلرَّجُلِ مَا أَجْلَدَهُ مَا أَظْرَفَهُ مَا أَعْقَلَهُ وَمَا في قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ ». وَلَقَدْ أَتَى عَلَىَّ زَمَانٌ وَمَا أُبَالِى أَيَّكُمْ بَايَعْتُ لَئِنْ كَانَ مُسْلِمًا لَيَرُدَّنَّهُ عَلَىَّ دِينُهُ وَلَئِنْ كَانَ نَصْرَانِيًّا أَوْ يَهُودِيًّا لَيَرُدَّنَّهُ عَلَىَّ سَاعِيهِ وَأَمَّا الْيَوْمَ فَمَا كُنْتُ لأُبَايِعَ مِنْكُمْ إِلاَّ فُلاَنًا وَفُلاَنًا. (مسلم، باب رفع الأمانة والإيمان من بعض القلوب)

تعليق واحد

  1. abdou 5 سبتمبر 2009 الساعة 3:57 ص

    السلام عليكم لقد تابعت حضرتكم و اعجبتني دروسكم و كيفية القائها اريد بعض الاحاديث القدسية وفقكم الله لما فيه الخير و شكرا

أكتب تعليق

(*) حقول مطلوبة

أعلى الصفحة